شن الطيران الحربي الإسرائيلي غارات جوية مكثفة ليل امس الأحد على عدة مواقع عسكرية في منطقة طرطوس الساحلية السورية، في واحدة من أعنف الضربات التي تتعرض لها المنطقة منذ بداية الغارات الإسرائيلية في عام 2012، وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأوضح المرصد أن الضربات استهدفت عدداً من المنشآت العسكرية، بما في ذلك وحدات الدفاع الجوي ومستودعات صواريخ أرض-أرض، واصفاً الهجمات بأنها “الأعنف على الإطلاق” في منطقة الساحل السوري. وأضاف أن الضربات خلفت أضراراً مادية جسيمة، دون وقوع ضحايا حتى اللحظة.
وفي وقت سابق امس الأحد، شن الطيران الإسرائيلي سلسلة غارات على مدينة دير الزور، استهدفت في آخرها محيط المطار العسكري في المدينة. تأتي هذه الغارات في وقت يشهد فيه الجيش الإسرائيلي تكثيفاً لحملاته الجوية على الأراضي السورية منذ بداية الحرب في سوريا، حيث يسعى إلى تدمير المواقع العسكرية التي يُزعم أنها تمثل تهديداً لأمن إسرائيل، خصوصاً تلك المرتبطة بالقوات الإيرانية والفصائل المسلحة.
ويواصل الجيش الإسرائيلي منذ فترة طويلة استهداف المنشآت العسكرية السورية، في عمليات تندرج ضمن ما تصفه تل أبيب بـ “مكافحة التهديدات العسكرية” من الجماعات المسلحة المنتشرة في سوريا. وكان الجيش الإسرائيلي قد أطلق عدة هجمات خلال الأسابيع الماضية على مواقع يُعتقد أنها تستخدم لتخزين الأسلحة أو إنتاجها.
وفي إطار هذا التصعيد، قال أحمد الشرع، قائد إدارة العمليات العسكرية في سوريا، إن “القوى الجديدة في سوريا ليست معنية بالدخول في مواجهة مع إسرائيل”، مشيراً إلى أن “إسرائيل تواصل استخدام ذرائع واهية لتبرير هجماتها على سوريا”.
وأضاف الجولاني أن “الحجج الإسرائيلية باتت لا تصمد أمام الواقع، وأن إسرائيل تجاوزت خطوط الاشتباك بشكل غير مبرر، مما قد يؤدي إلى تصعيد خطير في المنطقة”.
من جانبه، رد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هارتسي هاليفي، قائلاً: “إسرائيل لا تسعى للتدخل في الشأن السوري، ولكنها ستستمر في حماية أمنها من أي تهديد”.
في فجر يوم الاثنين، اهتزت قرى عكار في الشمال اللبناني بفعل الغارات الإسرائيلية العنيفة على الساحل السوري. وتبعد قرى عكار نحو 22 كيلومتراً فقط عن مدينة طرطوس السورية، ما جعل هذه الغارات محسوسة بشكل كبير في تلك المناطق.
في الوقت ذاته، تعرضت عدة مدن وبلدات في محافظات حماة وحمص وطرطوس السورية للقصف العنيف، مما أسفر عن أضرار مادية جسيمة.
وأكدت مصادر محلية لوكالة “سبوتنيك” أن السفن الحربية الإسرائيلية أطلقت عدداً من الصواريخ قبالة السواحل السورية، ما أدى إلى إصابة عدة مدنيين، بينهم نساء وأطفال، فضلاً عن اندلاع حرائق كبيرة في المناطق المستهدفة. وعملت فرق الإطفاء والدفاع المدني على السيطرة على الحرائق، بينما هرعت فرق الإسعاف إلى المواقع المتضررة.
من جانب آخر، أفاد نشطاء سوريون في مدينة طرطوس بأن الانفجارات العنيفة التي نتجت عن الغارات الإسرائيلية تم تسجيلها على أنها هزة أرضية بقوة 3 درجات على مقياس ريختر، حيث شعر بها سكان المدينة في الساعة التي وقعت فيها الهجمات. واعتبرت هذه الهزات الأرضية مؤشرًا على قوة القصف الإسرائيلي على المواقع العسكرية السورية.
ومنذ اندلاع الصراع السوري في عام 2011، شن الجيش الإسرائيلي العديد من الغارات الجوية على الأراضي السورية، مستهدفاً بالدرجة الأولى قواعد إيرانية وفصائل مسلحة مرتبطة بحزب الله، وذلك تحت مزاعم منع نقل الأسلحة المتطورة إلى هذه المجموعات. ويُعتقد أن الهجمات الإسرائيلية تأتي أيضاً في إطار إستراتيجية تهدف إلى تقليص النفوذ الإيراني في سوريا والحد من تهديدات قد تتعرض لها إسرائيل في المستقبل.
على الرغم من تزايد وتيرة الغارات الإسرائيلية، أكد مسؤولون إسرائيليون مراراً أن إسرائيل لا تسعى إلى التدخل المباشر في الشأن السوري أو الانخراط في صراع شامل، لكنهم في الوقت نفسه حذروا من أن الهجمات ستستمر طالما كان هناك تهديد أمني.