تشتهر إسرائيل باستخدام القنابل العنقودية بكثافة في مختلف حروبها، بما في ذلك حربها الأخيرة على لبنان، حيث لا تقتصر على استخدامها فقط، بل تقوم أيضًا بتصنيعها وتصديرها إلى عدة دول.
وقد وصف صحافي إسرائيلي إسرائيل بأنها “أمة القنابل العنقودية” في إشارة إلى استخدامها الواسع والمتكرر لهذه الأسلحة المحرمة دوليًا.
ويقول الخبراء إن الجيش الإسرائيلي يستخدم الذخائر العنقودية بشكل روتيني خلال توغلاته البرية، سواء عبر الطائرات أو المدفعية، بهدف الحفاظ على حياة جنوده عن طريق قتل أكبر عدد ممكن من الخصوم، بالإضافة إلى الخطر المستمر الذي تشكله هذه القنابل على حياة المدنيين في المنطقة لسنوات طويلة بعد القصف.
الذخائر العنقودية هي عبارة عن منظومة أسلحة تطلق مجموعة من الذخائر الصغيرة والمتفجرة على الهدف، وقد حظرتها الأمم المتحدة بموجب اتفاقية الذخائر العنقودية الموقعة في أوسلو عام 2008 والتي دخلت حيز التنفيذ في عام 2010. السبب في الحظر هو الطابع العشوائي للإصابات التي تحدثها هذه الأسلحة وعدم تمييزها بين الأهداف العسكرية والمدنية، ما يجعلها سلاحًا خطيرًا للغاية.
في مقال له في آب 2017، كتب الصحافي الإسرائيلي جدعون ليفي مقالًا بعنوان “أمة القنابل العنقودية”، حيث لفت الانتباه إلى أن الجيش الإسرائيلي يفضل استخدام الذخائر العنقودية في المناطق المكتظة بالسكان، لأنها تقتل بشكل أكثر فعالية في هذه المناطق.
كما أضاف أن إسرائيل تستخدم هذه الأسلحة “لقتل أكبر عدد ممكن من الأبرياء” وأشار إلى أن إسرائيل “لا تريد أن تكون جزءًا من مجتمع الشعوب المستنيرة بأي شكل من الأشكال”.
واصفًا القنابل العنقودية بأنها “أسلحة بربرية”، أكد ليفي أن هذه الأسلحة تطلق آلاف الشظايا التي تقتل أو تجرح بشكل عشوائي على مساحات واسعة، وقد تنفجر هذه القنابل بعد عدة سنوات من إطلاقها.
وأضاف أن العالم يشعر بالرعب والاشمئزاز من هذه الأنواع من الأسلحة، لكنه شدد على أن إسرائيل تستخدمها رغم الحظر الدولي، مشيرًا إلى استخدامها للقنابل العنقودية في حرب لبنان الثانية عام 2006 دون أن يرد العالم بأي شكل من الأشكال.
كما وثقت التقارير الدولية في تلك الحرب أن إسرائيل أسقطت أربعة ملايين قنبلة عنقودية على جنوب لبنان والبقاع الغربي، بما في ذلك ذخائر أميركية عنقودية تأتيها من خلال المساعدات الأميركية السنوية. بالإضافة إلى ذلك، أشار الخبراء الإسرائيليون إلى أن القنابل العنقودية التي تصنعها إسرائيل هي من بين الأفضل والأكثر تطورًا.
وتعد إسرائيل من أكبر مصدري القنابل العنقودية في العالم، حيث تم تصدير هذه الأسلحة إلى العديد من الدول بما في ذلك الولايات المتحدة، بريطانيا، ألمانيا، النمسا، الدنمارك، وتشيلي، كما منحت تراخيص لصنع هذه الأسلحة لعدة دول أخرى. وفي كانون الاول 2022، تم التقاط صور لقذائف هاون إسرائيلية تحتوي على ذخائر عنقودية في الجيش الأوكراني.
وكانت الذخائر العنقودية المحرمة حاضرة أيضًا في الحرب الأخيرة بين لبنان وإسرائيل، حيث وثقت الحكومة اللبنانية في تشرين الثاني 2023 حوالي 15 عملية اعتداء للجيش الإسرائيلي باستخدام هذه الذخائر المحرمة في مناطق مرجعيون، النبطية، بنت جبيل، وجزين. كما أعلن حزب الله في أكثر من مناسبة أن الجيش الإسرائيلي استخدم القنابل العنقودية خلال هجماته على بعض المناطق في جنوب لبنان.
في هذا السياق، أشارت وسائل الإعلام الغربية التي غطت أحداث الحرب الأخيرة، والتي كانت عنيفة وغير مسبوقة، إلى أن إسرائيل اغتالت عددًا كبيرًا من قادة حزب الله، بما في ذلك أمينه العام حسن نصر الله. ولكن وسائل الإعلام الغربية لفتت إلى “عدم وجود تأكيد من طرف ثالث” بخصوص استخدام القنابل العنقودية في تلك الحرب.