على الرغم من تأكيد إسرائيل أنها ماضية في ضرب قدرات حزب الله في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، إلا أن حجم الدمار الهائل والنزوح الذي حصل من القرى الحدودية في الجنوب، يشير إلى استراتيجية أعمق.
فقد أظهرت العديد من صور الأقمار الصناعية الحديثة، لا سيما في بلدات رامية وعيتا الشعب وبليدا ومحيبيب وسبع قرى أخرى، أن القوات الإسرائيلية تسعى لفرض سيناريو مشابه لما حصل في قطاع غزة. وبيّنت تلك الصور، فضلاً عن عدد من البيانات التي جمعها خبراء رسم الخرائط، اتساع نطاق الدمار في 11 قرية متاخمة للحدود بين البلدين، وفق ما نقلت وكالة “أسوشييتد برس”.
وأكد عدد من الخبراء أن إسرائيل ربما تهدف إلى إنشاء منطقة عازلة خالية من السكان، وهي استراتيجية سبق أن نشرتها على طول حدودها مع غزة. ففي قرية رامية الصغيرة، الواقعة على قمة تلة قريبة من الحدود الإسرائيلية، بدا الدمار كبيرًا، إذ كادت تلك القرية أن تمحى من على الخريطة. كما أظهرت صور الأقمار الصناعية في قرية مجاورة مشهدًا مشابهًا، حيث تحولت التلة من منطقة مليئة بالمنازل إلى بقعة رمادية من الأنقاض.
وعلاوة على ذلك، بينت المشاهد من عيتا الشعب مساحات تحولت إلى اللون الرمادي نتيجة الدمار في تلك البلدة الحدودية. ومنذ إعلان إسرائيل بدء ما وصفته بعملية برية محدودة في الجنوب، عمدت قواتها إلى تفجير عشرات المنازل اللبنانية على الحدود. كما حاولت التوغل في بعض القرى وعند أطرافها قبل أن تعود وتنسحب مجددًا.
ومنذ تكثيف إسرائيل لغاراتها على لبنان، نزح حوالي مليون شخص، معظمهم من الجنوب. ويخشى بعض اللبنانيين من أن تحتل إسرائيل أجزاءً من الجنوب بعد 25 عامًا من التحرير، وأنهم قد لا يتمكنوا من العودة قريبًا إلى منازلهم وأرزاقهم وبساتينهم.
وعندما سئل الجيش الإسرائيلي عما إذا كانت نيته إنشاء منطقة عازلة، اكتفى بالقول أنه “يشن غارات موضعية محدودة ومحددة الأهداف بناءً على معلومات استخباراتية دقيقة ضد أهداف لحزب الله”. إلا أن هناك تسريبات تفيد بأن إسرائيل تسعى بالفعل لإبعاد حزب الله نحو شمال نهر الليطاني، وإبقاء الجنوب خاليًا من الوجود المسلح، مما يتيح لمستوطنيها في الشمال العودة إلى منازلهم.