اخبار بارزة عربي - دولي

ما سر دعم بايدن القوي لإسرائيل؟

نشرت صحيفة “يديعوت أحرنوت” الإسرائيلية مقالا للمحلل الإستراتيجي في شؤون الأمن القومي الدكتور أفيغدور هاسيلكورن، قال فيه، إن دعم الرئيس الأميركي جو بايدن غير المسبوق لإسرائيل ليس دافعه الرئيس هو صداقته العميقة لإسرائيل، أو اشمئزازه من هجوم حركة المقاومة الإسلامية حماس في تشرين الأول الماضي.

وأوضح أن بايدن وسلفه باراك أوباما كانا يعتقدان أن إسرائيل يمكن أن تتخذ خطوات عسكرية قد تفاجئ الولايات المتحدة وتضعها في مأزق.

وأورد أن بايدن وأوباما يعتقدان أن إسرائيل فريدة من نوعها في الشرق الأوسط بعقلية ووسائل يمكن أن تحولها إلى ثور هائج، ومن ثم فإن الطريقة الوحيدة للتخفيف من وقوع كابوس في المنطقة: هي منع إسرائيل من الانفلات، على أساس أن واشنطن هي القوة الوحيدة التي تتمتع بنفوذ كافٍ للسماح لها بممارسة ضوابط فعالة على تل أبيب.

وأضاف الكاتب أن هذا العامل هو الدافع الرئيس وراء تمسك أوباما المثابر بالتوصل إلى اتفاق للحد من برنامج إيران النووي في 2015 حتى لا تسقط المنطقة إلى حافة الهاوية.

ونقل الكاتب تعليقا لدوغ روسينوف أستاذ التاريخ بجامعة متروبوليتان الأميركية، في مجلة تايم الشهر الماضي قال فيه، إن بايدن نحّى جانبا الاعتبارات الإستراتيجية والسياسية التي وجّهت ردود فعل القادة الأميركيين السابقين على حروب إسرائيل، وانضم إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وردد نقاط الحوار الإسرائيلية بأمانة.

والأسوأ من ذلك يقول الكاتب، إن فترة العداء الذي أظهره البيت الأبيض تجاه نتنياهو كان من الممكن تفسيرها من الحكومة الإسرائيلية على أنها تضع إسرائيل في عزلة عن حليفها الرئيس، مما قد يعزز التصور بأن إسرائيل ليس لديها خيار سوى اللجوء إلى إجراءات متطرفة لإنقاذ نفسها من الإبادة.

ونتيجة لذلك، سارعت إدارة بايدن إلى اتخاذ خطوات عدة مترابطة، تهدف جميعها إلى منع عمل إسرائيلي يائس. فأرسلت حاملة طائرات إلى البحر الأبيض المتوسط ومناطق الخليج العربي، بالإضافة إلى تعزيزات جوية وبرية إضافية، وأصدرت تحذيرات صارمة لـ حزب الله وإيران بعدم الاستفادة من مأزق إسرائيل، وزوّدت إسرائيل بمظلة إستراتيجية لتمكين الجيش الإسرائيلي من التحرك لإزالة تهديد حماس، دون أن ينتشر إلى مكان آخر، أو مواجهة هجوم واسع النطاق من اتجاهات متعددة.

وفي الوقت نفسه، يقول هاسيلكورن، سعت إدارة بايدن إلى فرض ضوابط مشددة على سلوك إسرائيل للحرب منذ البداية، بما يتماشى مع تصورها الأساسي بأن إسرائيل يحتمل أن تكون فاعلا مجنونا. ومن المحتمل أن يكون هذا القلق قد تعزز بالنظر إلى الدمار الذي لحق بغزة.

ويضيف الكاتب واصفا ضخامة الدعم الأميركي لإسرائيل قائلا، إنه ومنذ هجوم حماس وصل عدد كبير من المسؤولين العسكريين والسياسيين الأميركيين رفيعي المستوى إلى إسرائيل، للاطلاع و”تقديم المشورة” لإسرائيل بشأن التقدم المحرز في القتال.

ويشير الكاتب إلى أن بايدن يشعر بالقلق من أنه بعد تفكيك حماس في غزة، سيتحول الجيش الإسرائيلي للتعامل مع حزب الله أو حتى التعهد بمواجهة إيران بشكل مباشر، وأنه يخشى من أن هذا “السيناريو” يمكن أن يؤدي إلى انفجار لا يمكن السيطرة عليه. “فلا عجب أن واشنطن تحاول نزع فتيل تصعيد محتمل ضد حزب الله، من خلال إطلاق مبادرة دبلوماسية تجاه الحكومة اللبنانية”.

وأخيرا، وبمجرد أن أصبح بايدن مقتنعا بأن عمليات الانتشار الإقليمية الأميركية المعززة فعالة في ردع حزب الله وإيران عن التدخل بكامل قوتهما في الصراع، أصبح أكثر انتقادا لسلوك الجيش الإسرائيلي في الحرب ليس لأسباب سياسية داخلية فحسب، ولكن لإرسال رسالة لإسرائيل -كذلك- بألا تسيء تفسير دعمه الأولي القوي على أنه يعني إطلاق يدها لتفعل ما تريد.

ولمنع نشوب حرب إقليمية مخيفة، ضغطت واشنطن أيضا على إسرائيل لكيلا ترد على الهجمات الصاروخية والطائرات دون طيار التي شنّها الحوثيون ضد أهداف في جنوب إسرائيل. وبدلا من ذلك، ولأول مرة، كلّفت واشنطن سفن البحرية الأميركية المتمركزة في البحر الأحمر، باعتراض النيران اليمنية لإبعاد إسرائيل عن الرد.

(الجزيرة)