حُسِمَ في مجلس النواب أمر التمديد لسنة لقائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنية من العسكريين برتبة عماد ولواء، بعدما قاطع حزب الله الجلسة تضامناً مع التيار الوطني الحر. كما تعذّر انعقاد الحكومة بسبب عدم تأمين النصاب بغياب وزراء التيار الوطني الحر ووزراء حزب الله، بينما أعلن التيار الوطني الحر أنه ذاهب للطعن بقانون التمديد، كما كان سيفعل لو تم التمديد بقرار حكوميّ، فيما وصف المعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي النائب علي حسن خليل، مقاطعة نواب حزب الله بالأمر المتفق عليه والمفهوم ضمن إطار تعاون طرفَيْ الثنائي الوطني.
وكتبت” النهار”: لم يكن تفصيلا نافلا ان يصوت اكثر من سبعين نائبا في نهاية كباش سياسي متداخل المؤسسات والفرقاء وغير مسبوق في طبيعته الغريبة حيال الاستحقاق العسكري والأمني لكي تشتعل بورصة الأرباح والخسائر من جهة وتظهر دلالات داخلية وخارجية بارزة للغاية وراء هذا التطور الذي مدد بموجبه مجلس النواب لقائد الجيش العماد جوزف عون وقادة الأجهزة الأمنية لمدة سنة إضافية كاملة
في المنحى المتصل بأزمة الفراغ وشبحها بدا مجلس النواب للمرة الأولى منذ بدء ازمة الفراغ الرئاسي التي ترمى التبعة الأولى والأساسية عليه في إخفاقه في انتخاب رئيس الجمهورية كأنه استجاب بحسم هذه المرة لموجبات منع شغور جديد اشد وطأة من الشغور الرئاسي فانبرى في اللحظة الحاسمة ، وعلى نار اخفاق الحكومة التي هي صاحبة الشأن الأساسي في ملف الاستحقاق العسكري ، لكسر دوامة الفراغ حين تمدد خطره الى قيادة الجيش .
وإذ شكل تصويت النواب الأكثر من 70 لمصلحة مشروع قانون التمديد رسالة مدوية حيال عدم امكان مضي المجلس في إدارة الظهر للمناورات السياسية التي تلاعبت بالاستحقاق العسكري ، برز الجانب السياسي الاخر المتصل بخريطة الأرباح والخسائر جراء معركة ضارية انخرط فيها في الشهرين الأخيرين جميع القوى والكتل النيابية . بدا واضحا ان التصويت البرلماني “الثقيل” لمصلحة التمديد شكل هزيمة قاسية جدا أولا لرئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل شخصيا وسياسيا كونه ذهب بعيدا جدا في شخصنة معركة اسقاط التمديد لاسقاط العماد جوزف عون قائداً ومرشحا رئاسيا ، وكان هجومه المقذع الأخير على عون المؤشر الأكثر افصاحا عن البعد الشخصي قبل السياسي للمعركة التي شنها باسيل وانتهت بخسارته المدوية امس .
اما في البعد الخارجي فبات بحكم المؤكد ان مجلس النواب تلقف الموقف الدولي الضاغط بقوة لمنع الشغور العسكري والمطالبة بالتمديد للعماد عون بما يحول دون مغامرة كانت لتكون شديدة الخطورة لو لم يستجب المجلس لهذا الواقع .
كما ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط كانت له باع مؤثرة في النتيجة التي حصلت اذ قال ل”النهار” انه نجح في منع تمرير القرار في مجلس الوزراء ولو على حساب عدم ترقية الضابط الدرزي المؤهل الى رتبة لواء لتعيينه في رئاسة الأركان . واعتبر ان الربح كان ناقصا في انتظار استكمال معركة تعيين المجلس العسكري ومن ضمنه رئيس الأركان لان المجلس النيابي لا يمكنه التشريع الا لقادة الأجهزة الأمنية . ويعول جنبلاط على الحلفاء لإنجاز التعيينات في المؤسسة العسكرية مؤكدا ان التمديد لعون شكل مكسبا للمؤسسة خلافا للتوجهات العبثية لباسيل في الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد .
وكتبت” الاخبار”: ينقل بعض الذي اطّلعوا على الاتصالات التي أجراها الأميركيون، حول مسألة التمديد لقائد الجيش، أنهم هدّدوا «بفرط الجيش عبر رفع الدعم عنه وإيقاف المساعدات وبرامج الشراكة والتدريب ونحو ذلك»، في حال لم يتمّ التمديد لعون، ما يعني أن الجيش سيصبح عرضةً للتمزّق والتفرّق، ولن يبقى موحّداً، وهو ما يشكّل هاجساً لدى غالبية القوى اللبنانية، التي ترى في المؤسسة العسكرية نموذجاً للمؤسسات الجامعة والموحّدة في البلد.
حتى ««حزب الله» لم يكن بعيداً عن الهاجس، حيث إن آخر ما يتمنّاه الحزب – خصوصاً في الظروف الحالية – هو أن يرى الجيش ينهار ويتهدّده التمزّق، مع ما يترتّب على ذلك من مخاطر أمنية كبرى. لذلك، اعتمد الحزب موقفاً وسطياً، فلم يقف إلى جانب التمديد، ولم يقد حملة ضده، وهو يرى أنه يحمي المؤسسة العسكرية ويحافظ على تماسكها. بينما مثّل موقفه التزاماً مع حليفه التيار الوطني الحر.
وكتبت” نداء الوطن”: وفي متابعة وقائع التصويت في الجلسة على اقتراح قانون التمديد، تبيّن أنّ الرئيس بري اكتفى عند طرح الاقتراح على التصويت، بالإعلان أنّه «صُدّق»، من دون أن يطلب تعداد المؤيدين والرافضين. وكان عدد الحضور في القاعة عند طرح الاقتراح 66 نائباً. وبادر النائب جهاد الصمد الذي كان مشاركاً في الجلسة الى إعلان تحفّظه علناً عن الاقتراح. أما نائب رئيس المجلس الياس بو صعب فأعلن بعد خروجه من الجلسة أنه لم يصوّت على اقتراح القانون، وهكذا بقي هناك 64 نائباً أجمعوا على تأييده. وفي قراءة أوساط نيابية شاركت في الجلسة، أنّ 64 صوتاً يمثلون معطى له دلالاته في ملف رئاسة الجمهورية.
وفي سياق متصل، عبّرت بكركي عن ارتياحها للتمديد لقائد الجيش، وقالت مصادرها إنّ ما حصل هو «خطوة مهمة لتأمين استمرار هيكل الدولة، ويشكّل انتصاراً للوطن وللأمن القومي». ودعت الى «انسحاب هذه الخطوة على ملف انتخاب الرئيس، فمثلما تحمّل نواب المسؤولية عن عدم إفراغ قيادة المؤسسة العسكرية، يجب على القسم الآخر ملاقاتهم ووقف تعطيل الجلسات وفرط النصاب وانتخاب رئيس في أسرع وقت ممكن».
وقرأت أوساط ديبلوماسية الصورة الواسعة لما جرى أمس، فقالت لـ»نداء الوطن»: «إنّ تلاحق التطورات بدأ بتأجيل جلسة مجلس الوزراء، وتوّج في البرلمان. وهذا ما كان ليحصل لولا المناخ المسيحي العام، ولا سيما بكركي والأحزاب المسيحية، وأيضاً الجو المعارض المهم الذي تقاطع مع المناخ المسيحي فصار وازناً. ومن الأمثلة، الجو السني المؤيد لتمديد ولاية المدير العام لقوى الأمن الداخلي، وجو «اللقاء الديموقرطي»، بالإضافة الى هذه المناخات الثلاثة، الجو المدني الحريص على الاستقرار. ولا يُغفل الجو الدولي الضاغط في هذا الاتجاه والذي وصل حد التلويح بالعقوبات.
ولفتت مصادر نيابية لـ»البناء» الى أن تمرير قانون التمديد جاء بعض ضغوط خارجية كبيرة على الحكومة والمجلس النيابي لا سيما من الفاتيكان والفرنسيين والأميركيين والقطريين وحتى السعوديين، حيث زار السفير السعودي في لبنان وليد البخاري بكركي قبل يومين من انطلاق الجلسة التشريعية وأعلن باسم اللجنة الخماسية دعمها للتمديد لقائد الجيش.
وفيما تحدثت أوساط نيابية معارضة عن خلاف بين حركة أمل وحزب الله حول هذا الملف، نفت مصادر «التنمية والتحرير» لـ»البناء» هذا الأمر، مؤكدة التنسيق بين الطرفين في هذا الاستحقاق وغيره، لا سيما التوافق حول عدم الشغور في قيادة الجيش في ظل الظروف الحالية، كما أن حزب الله أبلغ المعنيين بأنه يؤيد أي خيار يتم التوافق حوله في الحكومة أم مجلس النواب ويحظى بحصانة دستورية
وكتبت” الديار”: بعد عدم ترك موقع قيادة الجيش في الفراغ، اضحى السؤال التالي والذي يطرح نفسه: هل من جديد رئاسيا؟ ردا على هذا السؤال، قالت اوساط سياسية للديار ان اللجنة الخماسية من خلال الزيارة الاخيرة التي قام بها وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان الى جانب زيارة مسؤولين قطريين للبنان اعادا طرح الخيار الثالث ولكن على ارض الواقع لا يزال هناك معوقات كثيرة تمنع التوصل الى مرشح رئاسي خارج الاصطفافات السياسية الحاصلة في البلد.