تركزت الانظار على جلسة الحكومة المقررة اليوم والمخصصة لاعطاء زيادات لموظفي القطاع العام والمتقاعدين، ضمن مراسيم منفصلة، ولكن الموضوع الرئيسي هو تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جوزاف عون.وبقيت الاتصالات جارية بشأن هذا الملف حتى ساعة متأخرة من ليل امس.
وتنطلق المعالجات من حرص واضح على عدم الوصول الى الفراغ في القيادة العسكرية، في مرحلة بالغة الحساسية، ولا بدّ من حسم الموضوع، الذي دخل في سباق على الوقت، اذ ان احالة العماد عون الى التقاعد تتم في العاشر من كانون الثاني المقبل.
وحسب ما نقلت” اللواء” عن مصدر مطلع، فإن موضوع التمديد سنة او تأجيل التسريح 6 أشهر حسم ايجاباً، فإذا لم يحصل في الحكومة، فإنه سيحصل في مجلس النواب، في الجلسة الثالثة بعد ظهر اليوم، اذا توفر نصابها، والا في جلسة تعقد الاثنين المقبل.
وكتبت” النهار”: ما يمكن وصفه من مجريات السباق بين مجلس النواب والحكومة وتداخل جلساتهما وما يرسم من سيناريوهات للساعات المقبلة في شأن ملف التمديد العسكري، لا يقل واقعيا وموضوعيا عن صراع نادر غير مسبوق بين السلطات على رغم ما عرفه لبنان من تجارب انقسامية في سنوات الحرب . فما كان ينقص المشهد “الغرائبي” للتداخل الحاصل بين المجلس والحكومة، ووسط اندفاع كتل عديدة لضمان اخراج التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون من المجلس بقانون ثابت وإقفال الطريق على “انتشال” الحكومة “اكتمل” مع الدخول الاعتراضي لوزير الدفاع الوطني موريس سليم على خط هذا التداخل وهذا الصراع من خلال إرساله امس كتابا إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تناول فيه موضوع “الشغور في قيادة الجيش والحؤول دون استمراره في مؤسستين رئيسيتين لدى وزارة الدفاع ورئاسة الاركان”، مشيرا إلى ” أننا نقوم بالمقتضى عبر الإجراءات الإدارية”.
وارتسمت بذلك معالم الغموض الكامل حيال ما يمكن ان تشهده الساعات المقبلة لبت ملف صار حجمه اضخم بكثير من شبح الفراغ الذي يراد التحسب لحصوله ، اذ ان هذا الملف صار عرضة لصراع يوازي بل يفوق الصراع على رئاسة الجمهورية مع كل التداعيات المرتبطة بها وبمستقبل البلاد . ولعل اللافت في التطورات المتسارعة مع انعقاد الجلسة التشريعية منذ امس والاستعداد لجلسة مجلس الوزراء اليوم ان الكتل التي قدمت مشاريع قوانين التمديد تحالفت على مشروع موحد بما يشكل ضغطا معنويا قويا لمضي المجلس في طرح المشروع الذي سيلحظى حتما بغالبية موفورة. وهو الامر الذي سيبلور مسار السباق الحاصل بين الجلس والحكومة وما اذا كان رئيس الحكومة قد يقدم على تجاوز طرح مرسوم تأخير التسريح اليوم في الجلسة الحكومية ام لا .
وكتبت «نداء الوطن» أنّ مجلس الوزراء سيعيّن رئيساً للأركان في الجيش هو العميد حسان عودة. كما لن تطرح مسألة تأجيل تسريح المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان بسبب رفض وزير الداخلية بسام مولوي. وتردّد أيضاً أنّ هناك تحركاً مطلبياً للعسكريين المتقاعدين في محيط السراي قد يتطور الى مواجهات تؤدي الى منع عدد من الوزراء من الوصول الى الجلسة، فتفقد نصابها!
وعلى مسافة عشرات الأمتار من السراي، يسـتأنف مجلس النواب بعد الظهر أعمال جلسته التشريعية التي استمرت أمس على فترتين نهارية ومسائية. وما زال على جدول أعمالها 7 بنود قبل الوصول الى اقتراحات القوانين المتعلقة بتمديد ولاية قائد الجيش.
وأبلغت مصادر نيابية بارزة «نداء الوطن» ليل أمس انه بعد ظهر اليوم سيُطرح اقتراح موحد للتمديد للعماد عون والضباط المعنيين. وأضافت ان الاقتراح الأقرب للاتفاق عليه هو اقتراح تكتل «الاعتدال». وقالت إنّ العمل يجري على تأمين حضور 65 نائباً ليكتمل النصاب. واستدركت المصادر قائلة: «لا تقول فول تيصير بالمكيول». وأشارت الى حصول تواصل بين كتلة «القوات اللبنانية» وبين رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل الجلسة أمس بعد تمهيد من كتلة «اللقاء الديموقراطي»، وعليه التقى بري النائب جورج عدوان. وظهر أنّ «الجو ايجابي» لطرح اقتراح التمديد مساء اليوم.
وعلمت «نداء الوطن» أنّ أمرين تحققا أمس لمصلحة التمديد للعماد عون في ظل المخاوف من عدم حصوله، وهما:
أولاً، توحيد اقتراحات القوانين المعجّلة لكتل «الجمهورية القوية» و»اللقاء الديموقراطي» و»الاعتدال»، في اقتراح واحد ينص على رفع سن التقاعد لقائد الجيش والضباط المعنيين، ما يعني أن هناك كتلة نيابية كبيرة مؤيدة للتمديد عند التصويت.
وثانياً، توقيع أكثرية نيابية عريضة تطالب بمناقشة التمديد في البرلمان.
وتضيف المصادر أنّ هناك «مخاوف من «تطيير» الجلسة عند وصولها لبت اقتراح القانون هذا، بالتزامن مع ذهاب الحكومة اليوم الى تأجيل بند التسريح مع تعيين رئيس للأركان، ما يغني حتى عن طعن يقدمه «التيار الوطني الحر» وبالتفاهم معه كي يقطع الطريق على موضوع التمديد في البرلمان.
وفي السياق نفسه، صرّح مصدر كتائبي لـ»نداء الوطن»: «موقفنا انتظار نوابنا داخل البرلمان. وفي حال لم يتم التمديد لقائد الجيش في مجلس الوزراء اليوم، والذي نعتبره الأمثل عبر تأجيل التسريح، فنحن على استعداد للمشاركة في جلسة البرلمان عند طرح البند المتعلق بقائد الجيش».
وكتبت” الاخبار”:إن لم يطرأ ما يحول دون المُعدّ لجلسة مجلس الوزراء اليوم او يكدّرها في دولة المفاجآت، ستكون في صدد الآتي:1 – الاخذ بفحوى فتوى أعدّها القاضي المتقاعد يوسف نصر، وهو رئيس غرفة سابق في مجلس شورى الدولة ذو خبرة واسعة في شؤون الموظفين وقانونهم، انتُدب ايام الامين العام السابق لمجلس الوزراء سهيل بوجي الى رئاسة مجلس الوزراء، وبقي هناك بصفة مستشار قانوني بعد تقاعده. مفاد الفتوى ان في وسع مجلس الوزراء القيام بما يُعتبر انه تخلّف للوزير المختص، كي يصدر عن المجلس في معزل عن الوزير موريس سليم تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جوزف عون.
2 – ما يُفترض ان يصدر عن جلسة مجلس الوزراء هو تأجيل تسريح قائد الجيش ستة اشهر وتعيين رئيس للاركان هو العميد حسان عودة وترفيعه الى رتبة لواء. تأجيل التسريح، غير القانوني بصدوره عن مجلس الوزراء غير ذي صفة بلا الوزير المختص، يكتفي بالنصف زائداً واحداً، بينما تعيين رئيس الاركان يتطلب الثلثين لجلسة لا تبدأ الا بنصاب ثلثي وزرائها. ذلك يعني ان وزيريْ حزب الله غير متحمسيْن للاجراء الاول ويدعمان الاجراء الثاني.
كما تعيين قائد الجيش وتأجيل تسريحه بقرار من وزير الدفاع، كذلك تعيين رئيس الاركان بقرار مماثل «بناء على استطلاع قائد الجيش»، غير الملزم في الاصل، في قانون الدفاع الوطني. ما لن يفعله الوزير للقائد بتأجيل تسريحه، هل يفعله لعودة بالموافقة على اقتراح تعيينه عملاً بالمادة 21 في قانون الدفاع؟
اما اسوأ السيئ، فان يصير الى تعيين رئيس للاركان في معزل عن الوزير صاحب الصلاحية، وتالياً تصبح المخالفة فضيحة.
يحظى تعيين رئيس جديد للاركان – بعد ممانعة – بتأييد النائب السابق وليد جنبلاط، وأفصح خلفه الرئيس الحالي النائب تيمور جنبلاط عن دعمه له قبل ان يعلن جنبلاط الاب خياره هذا. في ما مضى، كان قطع الطريق عليه وأقرن موافقته بالتمديد او تأجيل تسريح عون.
3 – تأجيل تسريح قائد الجيش لستة اشهر لا يزال يتخبط بين ان يصدر في قرار او في مرسوم. كلاهما باطلان قانوناً بلا اقتراح وزير الدفاع الوزير المختص. اما الحجة المساقة لتبرير ما سيحدث، فهو ان سليم تخلّف عن القيام بواجبه ما يحمل مجلس الوزراء – كما يُجتهد له – على ان يحل هو في صلاحية الوزير سواء بقرار او بمرسوم. اجراء على شاكلة كهذه سيكون عرضة للطعن. مشكلة الاجراء المتوقع انه يتخبط من جراء عدم توافر صيغة ادارية لاظهاره فيها كالمرسوم الذي بلا توقيع الوزير المختص يعتبر عديم الوجود وباطلاً كأنه لم يكن كلياً، ويناقض المادة 54 في الدستور.
4 – مستبقاً ما سيتخذه مجلس الوزراء ظهر اليوم، ارسل وزير الدفاع الى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اعلن فيه استعداده للقيام بالمقتضى القانوني لوضع حل نهائي للشغور المحتمل في قيادة الجيش ورئاسة الاركان وفي المجلس العسكري، بانياً كتابه على تذكير ميقاتي بتفاهمات بينهما في اجتماعات سابقة، وعملا بالقواعد الدستورية والاصول القانونية النافذة.
بذلك رمى سليم الى دحض ادعاءات مجلس الوزراء وذريعته قبل ان يقدم عليها باتهامه بالتخلّف عن واجباته، وبتأكيد صلاحيته واختصاصه، ولاضفاء المخالفة القانونية على اجراء مجلس الوزراء في معزل عن الوزير المختص.
5 – المؤكد ان التيار الوطني الحر سيطعن في الاجراء المتخذ، وهو تأجيل تسريح قائد الجيش.
ووفق معلومات «البناء» تخشى «القوات» أن يصدر مجلس الوزراء مرسوم تأجيل تسريح قائد الجيش، ويتعرّض المرسوم إلى طعن أمام مجلس شورى الدولة ويقبل الأخير قرار الطعن ويبطل التمديد قبيل أيام من نهاية ولاية قائد الجيش في 10 الحالي وتكون حينها انتهت الجلسة التشريعية والمهل القانونية لتعديل المادة 56 من قانون الدفاع في مجلس النواب.