عادت المراوحة لتخيّم على الملفات الداخلية اللبنانية بالتزامن مع عودة الحرب الى قطاع غزّة، وكلّ النّشاط الذي استُحدث من أجل إيجاد حلول جديّة للأزمة اللبنانية في فترة الهدنة بين حركة حماس من جهة والكيان المُحتلّ من جهة أخرى عاد مجدداً الى نقطة الصفر مع عودة المعارك واشتعال الجبهة الجنوبية للبنان من جديد.
هذه المراوحة التي فرضت نفسها بشكلٍ لافت حتّمت على القوى السياسية الذهاب إلى تسوية ضمنية تقضي بالتمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون، وبالرغم أن هذا التمديد لم يُحسم بشكل كامل الا ان الترجيحات تقول بأنه بات أمراً واقعاً ولا يمكن تجاوزه في جلسة مجلس النواب المرتقبة.
الهروب نحو التمديد لعون لفترة زمنية وجيزة، وبالرغم من أنه سيؤدي الى تسجيل هدف في مرمى رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، الا أنه في الواقع يريح جميع الأطراف السياسية من هواجس الفراغ في قيادة الجيش وتبعاته، كما أنه يريح الحزب التقدّمي الاشتراكي الذي لا يحبّذ تسلّم شخصية درزية منصب رئيس الأركان في ظلّ الفراغ.
ووفق مصادر سياسية مطّلعة فإنّ إنهاء الأزمة الراهنة حول قيادة الجيش لا يؤدّي أبداً الى حلحلة في الملفّ الرئاسي ولا يزيد حظوظ عون الرئاسية، وهذا واضح في ظلّ معارضة “حزب الله” وصوله الى قصر بعبدا واستمرار الكباش حول المرشحين التقليديين الأساسيين وتمسّك القوى السياسية بمواقفها السياسية التي كانت عليها منذ بداية الفراغ الرئاسي وحتى أشهر فائتة.
كل ذلك لا يوحي بأي مخارج، بل إن الضغوط الدولية والعربية التي أدّت الى قرار التمديد لقائد الجيش، اضافة الى الرضى الضمني المحلي، مؤشر الى ان الفراغ سيستمرّ وان الاهتمام الدولي لا يلتفت الى أزمات لبنان في المرحلة الحالية، وأن كل الاتصالات الدولية التي قد تسير نحو لبنان هي في إطار المساعي المرتبطة بالمعارك الحاصلة في الجنوب والتطورات العسكرية والامنية في المنطقة.