كتبت روزانا بو منصف في” النهار”:
تقول مصادر ديبلوماسية ان ايران تستفيد على الارجح لا بل تستغل وتوظف قرار واشنطن بعدم الرغبة في توسيع المواجهة وتحولها اقليمية في المنطقة. وهي تضع ثقلها من اجل ذلك لا سيما انطلاقا من لبنان حيث نقطة الضعف الابرز بالنسبة الى توسيع الحرب فيما انها تظهر انها تستطيع التعامل على نحو مباشر ان مع المسيرات التي يطلقها الحوثيون او الصواريخ التي تطلقها تنظيمات موالية لايران في العراق في اتجاه القواعد او المراكز الاميركية في العراق وسوريا. ولكن هذا التوسيع للحرب الذي تتهم به الولايات المتحدة ايران صراحة او مواربة تكتفي واشنطن بمحاولة احتوائه فيما ان الاشكالية الاكبر هي ما تعبر عنه هذه الادارة الايرانية التي تبدو انها تحرك التنظيمات الموالية لها على غرار المايسترو الذي يحرك الاوركسترا والذي وان جاز اعتبار ان واشنطن تدرك ذلك من قبل ولا حاجة الى الحرب الراهنة لكي تكتشف ذلك انما من دون ان تفعل شيئا على هذا الصعيد.
لا بل تعتقد مصادر ديبلوماسية انه وفيما ان تصعيد التنظيمات الموالية لايران يبدو ربطا بالتصعيد الاسرائيلي ضد غزة علما انه لم يؤثر على الارجح في تغيير مسار الحرب الاسرائيلية او يخفف منها ومن قتل الفلسطينيين باعتبار ان لا المسيرات الحوثية وصلت الى اسرائيل ولا الصواريخ من جانب التنظيمات العراقية فيما ان تبادل اطلاق النار بين اسرائيل و”حزب الله” لا يتجاوز الخطوط الحمر المرسومة من الجانبين، فانه لا يجب تجاهل ما يعتقد انه قائم على الهامش اي عدم اسقاط فرصة ابقاء التفاوض قائما حول الملف النووي الايراني في عمان.
وفي الوقت نفسه تعتقد هذه المصادر ان الرقص حول النار الذي تمارسه ايران تستطيع توظيفه من اجل ان تظهر دورها في مواجهة اسرائيل ودعم الفلسطينيين في الوقت الذي تحجز لنفسها موقعا مهما في اي عملية تسوية مقبلة في المنطقة. ويخشى البعض في الوقت نفسه ان الرد الاميركي المنضبط والذي يكتفي بتوجيه رسائل معينة حول عدم استهداف عناصرها او جنودها وعدم توسيع القتال يمكن ان يساهم في تعزيز اوراق ايران وتمكينها اكثر بدلا من اضعاف هذه الاوراق.
وتخطىء واشنطن في هذا الاطار وفق هذه المصادر بعدم وقف النار في غزة ليس بسبب افساح المجال امام ايران لان تدير لعبة سياسية كما تريدها فحسب وهذا امر اساسي ومهم بل لان ما يحصل في غزة من استباحة اسرائيلية لكل القيم الانسانية على نحو يدمي القلوب ولا يترك اي مجال سوى للتعاطف مع الفلسطينيين سواء اخطأت “حماس” ام لا، وهذا موضوع اخر، ما يترك المجال واسعا لان تصب النتائج في مصلحة ايران ان في تغييب اي حل سياسي للموضوع الفلسطيني، والرفض الاسرائيلي القاطع لذلك حتى مع سلطة فلسطينية متجددة في غزة في الوقت الذي تزعم اسرائيل بمواجهة ايران والقيام بكل ما يلزم من اجل تقويض قدراتها، او في تعميق مشاعر الغضب وربما اثارة الكراهية ايضا ضد اعمال لا تمت الى الانسانية بصلة بل تعود الى الهمجية والوحشية التي الصقها مسؤولون اسرائيليون بالفلسطينيين فيما يرتكبون ما هو اكثر منها بكثير.