نشرَ موقع “الخليج أونلاين”، اليوم الجمعة، تقريراً جديداً تطرق فيه إلى المسألة المرتبطة بمدى إمكانية إنسحاب “حزب الله” إلى ما بعد نهر الليطاني تجنباً لضربة إسرائيلية ضدّ لبنان.
وجاء في التقرير التالي:
مع عدوان مستمر من الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، ومعارك يخوضها مع المقاومة الفلسطينية، تزداد حدة التوتر الأمني على حدود لبنان الجنوبية، وسط مخاوف من اتساع دائرة المواجهات لتتطور إلى حرب مفتوحة بين حزب الله وإسرائيل.
وينفذ الحزب بشكل رئيسي عمليات يومية ضد أهداف عسكرية إسرائيلية قرب الحدود، ويقول إنها في إطار دعم قطاع غزة وتأييداً لمقاومته. أما إسرائيل فترد بقصف مناطق حدودية مستهدفة ما تصفه بتحركات مسلحي حزب الله وبنى تحتية عائدة له قرب الحدود.
وبعد تصاعد الهجمات، خرجت إسرائيل متوعدة الحزب بإبعاده إلى ما وراء نهر الليطاني بجنوب لبنان عبر تسوية دولية، أو باستخدام القوة العسكرية، ما يطرح تساؤلات حول استجابة حزب الله للضغوطات الدولية أو تجنباً لضربة عسكرية إسرائيلية، أم أنه سيواصل التموضع في ذات المناطق التي يسيطر عليها حالياً.
تهديدات إسرائيلية
تتواصل التحركات الدولية والأميركية في محاولة لوقف التصعيد بجنوب لبنان، والضغط نحو تنفيذ القرار 1701، الذي تبناه مجلس الأمن الدولي في آب 2006، فيما تتواصل تحركات للمبعوث الأميركي إلى لبنان آموس هوكشتاين والذي يعمل من خلالها على إبرام اتفاق لتقليص احتمالات التصعيد.
ومع استمرار التصعيد المتبادل بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي على غزة، توعد وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت بإبعاد “حزب الله” إلى ما وراء نهر الليطاني بجنوب لبنان عبر تسوية دولية استناداً إلى القرار الأممي رقم 1701.
ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن غالانت قوله قبل يومين، إنه إذا لم تنجح التسوية السياسية الدولية “فإنّ إسرائيل ستتحرك عسكرياً لإبعاد حزب الله عن الحدود”، على حد تعبيره.
كذلك، نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، عن مسؤولين إسرائيليين أن واشنطن تدرس إمكانية التوصل إلى تسوية بين إسرائيل ولبنان بشأن الحدود، مشيرة إلى أن الهدف من الاتفاق المحتمل “هو إبعاد حزب الله بشكل دائم عن الحدود”.
بدوره، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر يوم الأربعاء، إن الحكومة الإسرائيلية وشعبها يواجهان “مشكلة أمنية حقيقية للغاية”، مشيراً إلى أهمية الامتناع عن توسيع الصراع، وأن بلاده تحاول استخدام الحل السياسي.
وحول مفهوم الولايات المتحدة للحل الدبلوماسي، قال ميلر: “سنستمر في اتباع الدبلوماسية التي كانت ثابتة إلى حد ما. لقد رأيتم الوزير (أنتوني) بلينكن يركز على هذا الأمر في رحلاته حول المنطقة ويحاول منع الصراع من التوسع في شمال إسرائيل وفي الضفة الغربية عبر إشراك دول أخرى. لا أريد الخوض في كل التفاصيل، لكن هذا سيظل محور الاهتمام”.
تهديدات سابقة
منذ الهجوم الذي شنته “حماس” وفصائل فلسطينية على منطقة غلاف غزة المحتلة في الـ7 من تشرين الأول الماضي، أعلن “حزب الله” أنه “ليس على الحياد بخصوص ما يجري في قطاع غزة”، وباشر بعمليات عسكرية على الحدود الجنوبية ضد الجيش الإسرائيلي الذي رد بقصف مواقع في الجنوب اللبناني.
وعلى مدار أيام الحرب، أطلق المسؤولين الإسرائيليين تهديدات متكررة، فقد توعد رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو يوم 21 تشرين الأول، بأنه “إذا دخل حزب الله الحرب سيؤدي ذلك إلى دمار لا يمكن تخيله للحزب ولبنان”. وفي جولة له على الحدود مع لبنان، قال نتنياهو: “لست متأكداً بعد من نية حزب الله بشأن دخول الحرب”.
وفي 7 كانون الأول الجاري، نقل موقع “أكسيوس” الأميركي عن نتنياهو قوله “إن حزب الله سيحول بيروت وجنوب لبنان إلى غزة وخانيونس إذا فكر بشن حرباً شاملة”.
ولم تنحصر التهديدات عند المسؤولين الإسرائيليين، ففي 22 تشرين الأول، حذر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، من أن “الولايات المتحدة لن تتردد في التحرك عسكرياً ضد أي منظمة أو بلد يسعى إلى توسيع النزاع في الشرق الأوسط بين إسرائيل وحماس”.
بدوره، قال الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ يوم 24 تشرين الأول المنصرم، إن لبنان “لا يُمكن أن يدعي البراءة عندما يُهاجم حزب الله إسرائيل”، مشيراً إلى أنه “في حال اندلاع حرب مع حزب الله، فإنه يجب أن يكون واضحاً أن لبنان سيدفع الثمن”، وأردف قائلاً إن حزب الله “يلعب بالنار”.
وفي 6 كانون الأول، قالت وزارة الخارجية اللبنانية إن “تهديدات إسرائيل المتكررة بشن حرب استباقية علينا وعدم التزامها بقرارات الأمم المتحدة تشكل استفزازاً وتقوض جهود تحقيق الأمن”.
حذر إسرائيلي وفرصة للحزب
يرى المحلل السياسي اللبناني محمود علوش، أن إسرائيل ليست بالوقت الراهن في وضع يسمح لها فرض شروطها على حزب الله من خلال الضغط عليه للانسحاب إلى ما قبل نهر الليطاني.
ويشير في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، إلى أن سبب ذلك يرجع إلى انخراطها بكل قوتها في حرب غزة، لافتاً إلى أنها “تبدو حذرة للغاية في تصعيد المواجهة الحالية مع حزب الله إلى حرب مفتوحة”.
في المقابل، يرى أن حزب الله “يتعامل مع الحرب على غزة كفرصة لإعادة تعزيز انتشاره العسكري على الجبهة مع إسرائيل وفرض واقع جديد وهذا ما لا يُريده الإسرائيليون”.
ويؤكد أن أي تغيير في الوضع الراهن على الجبهة الجنوبية اللبنانية “لا يُمكن أن يأتي سوى كنتيجة لحرب أو اتفاق جديد”، موضحاً أن “الولايات المتحدة تسعى للوصول إلى تفاهم على غرار اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل في وقت سابق”.
ماذا يعني القرار 1701؟
يتركز نشاط “حزب الله” العسكري وهجماته الحالية في ثلاث قطاعات بمنطقة جنوب نهر الليطاني منزوعة السلاح بحسب القرار الأممي 1701، والذي تبناه مجلس الأمن الدولي في أغسطس 2006، لوقف كل العمليات القتالية بين لبنان و”إسرائيل”، عقب حرب بين الأخيرة و”حزب الله” استمرت 33 يوماً.
ورغم القرار الأممي، فإن قطاعات الغربي والأوسط والشرقي بمنطقة جنوب الليطاني، ظلت تمثل نقاط تماس بين مقاتلي “حزب الله” والجيش الإسرائيلي.
يشتمل القطاع الشرقي على نقاط استراتيجية بداية من منطقة ميس الجبل وحولا ومركبة وغيرها، وهي مناطق تعد قواعد أساسية لعمليات ينفذها مقاتلو الحزب حالياً، إذ تشرف على مواقع مراقبة ونقاط عسكرية إسرائيلية، بجانب بلدة كفركلا القريبة من بلدة المطلة.
كذلك، يضم القطاع الشرقي مزارع شبعا المحتلة من طرف إسرائيل، والتي شهدت أولى عمليات الحزب ضد مواقع إسرائيلية في التوتر الحالي، مثل رويسات العلم والرادار، ويقوم الطيران الإسرائيلي باستهداف نقاط تمركز للحزب فيها، علاوة على بلدة كفرشوبا الحدودية.
أما القطاع الأوسط فيعد معقل “حزب الله” الشعبي والعسكري، ويضم مواقع استراتيجية مثل عيتا الشعب ومارون الراس وبنت جبيل وعيترون، وتعد بلدة مارون الراس النقطة الأهم لـ”حزب الله” حيث تطل على مستوطنة “أفيفيم” الإسرائيلية.
أما القطاع الغربي فيضمّ منطقة الناقورة وبلدات يارين والضهيرة ومروحين وعلما الشعب وتوجد به قوات الطوارئ الدولية “يونيفيل” والجيش اللبناني، ويمثل هذا القطاع منطلقاً للعمليات العسكرية التي ينفذها “حزب الله” وفصائل فلسطينية ضد المواقع الإسرائيلية.
وشهد العام 2006 قيام حزب الله بشن غارة عبر الحدود قتل خلالها 8 جنود إسرائيليين واختطف اثنين آخرين، ليرد الاحتلال بحرب مفتوحة وحصار بحري وحملة جوية مكثفة، قبل أن تتوقف بعد 33 يوماً، استُشهد خلالها 1191 شخصاً في لبنان، معظمهم من المدنيين، بينما قتل 121 جندياً إسرائيلياً و44 مدنياً.
وكان لبنان قبل التصعيد الجاري في حدوده الجنوبية، يتهم إسرائيل بممارسة خروقات جوية وبرية وبحرية متكررة لأجوائه، في وقت لا تزال تل أبيب تحتل جزءاً من الأراضي اللبنانية تقدر مساحتها بأكثر من 200 كيلومتر مربع، بعد انسحابها عام 2000 من الجنوب اللبناني الذي احتلته لأكثر من عقدين.
(الخليج أونلاين)