أكّد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أن العالم يراقب لبنان عن كثب، سائلاً: “كيف سيثق بنا المجتمع الدولي والمجتمع العربي إذا لم نضبط حدودنا ونثبّت سيادة الدولة؟”، محذراً من أن العالم قد يتخلى عن لبنان خلال أشهر قليلة إذا لم تثبت الدولة فاعليتها.
وأوضح أن لبنان لم يتوغل بعد في برّ الأمان الكامل رغم انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، مشدداً على أن الأوضاع لا تزال محفوفة بالمخاطر، وأن البلاد بحاجة إلى إصلاحات جذرية وإلى حصرية السلاح بيد الدولة لبناء دولة فاعلة ومجتمع مزدهر.
كلام جعجع جاء خلال العشاء السنوي الذي أقامته منسقيّة زحلة في حزب “القوّات اللبنانيّة” في المقر العام للحزب في معراب، في حضور النائبين جورج عقيص والياس اسطفان، الوزير السابق سليم وردة، النائبين السابقين انطوان ابو خاطر وجوزف المعلوف، عضو الهيئة التنفذية ميشال تنوري، الأمين العام للحزب اميل مكرزل، مدير عام شركة كهرباء زحلة اسعد نكد، المرشح لرئاسة بلديّة زحلة في الإنتخابات البلديّة والإختياريّة المقبلة المهندس سليم غزالة، منسق زحلة آلان منير، المنسقين السابقين لمنطقة زحلة طوني قاصوف وميشال فتوش، وفعاليات من المنطقة دينية واجتماعية واعلاميّة واقتصادية ومخاتير ورجال اعمال.
وأشار جعجع إلى أن الأحداث الأخيرة على الحدود الشرقية مع سوريا عكست خللاً بنيوياً خطيراً في سيادة الدولة اللبنانية. وقال: “منذ نحو شهر ونصف، تدخل الجيش اللبناني وانتشر على الحدود الشرقية بطلب من الأهالي لضبط الوضع، إلا أننا فوجئنا منذ يومين بانطلاق قذائف من الأراضي اللبنانية نحو سوريا”.
وأوضح جعجع أن “الجيش اللبناني تدخل فوراً، وتواصل مع الجانب السوري عبر وساطة مشكورة من الطرف السعودي، وطلب منهم وقف إطلاق النار موقتاً إلى حين معرفة مصدر إطلاق النار من الجانب اللبناني، فأوقف الجانب السوري إطلاق النار. لكن وبعد استمرار انطلاق القذائف من لبنان، ردوا عليها من داخل سوريا، فتخيّلوا: الجيش منتشـر وهناك قذائف تنطلق من خلفه!”.
وتساءل جعجع: “هل يعقل أن تكون هناك مجموعات مسلحة وسلاح خارج سيطرة الجيش؟ لا يُعقل! حين نقول إن الدولة يجب أن تحتكر السلاح، هذا بالضبط ما نقصده”.
ورأى جعجع أن هذه الحوادث تظهر الخلل العميق في بنية الدولة، معتبراً أن “وجود مجموعات مسلحة وسلاح خارج سيطرة الجيش اللبناني أمر غير مقبول”، مضيفاً أن “احتكار السلاح من قبل الدولة ليس مطلباً عدائياً بل إنه مطلب سيادي، ولا يمكن بناء دولة فاعلة من دونه”.
وإذ أثنى جعجع على زيارة رئيس الجمهوريّة العماد جوزاف عون إلى السعودية وما تبعها من لقاءات مع مسؤولين لبنانيين وسوريين، قال: “بعد الزيارة واللقاءات فوجئنا مجدداً بانطلاق قذائف من الأراضي اللبنانية نحو سوريا. كيف سيكون انطباع العالم عنّا؟ هل سيثق أحد بدولة لا تستطيع أن تضبط حدودها؟ بالطبع لا. لذا حين نطالب باحتكار السلاح من قبل الدولة، لا نفعل ذلك من باب المزايدات السياسية، بل لأنه من دون ذلك لا يمكن قيام دولة فعّالة. لا يمكن أن نبني دولة تُحترم إذا بقي السلاح مشرعاً خارج مؤسساتها”.
وفي الشق الاقتصادي، شدد جعجع على أهمية الإصلاحات المالية والمصرفية، مشيراً إلى أن “لبنان بحاجة إلى إصلاحات شاملة في إداراته كلها، ولكن الإصلاح الأهم حالياً يتمثل في إعادة هيكلة القطاع المصرفي وتعديل قانون السرية المصرفية”.
وأوضح أنه تم التصويت على مشروع تعديل قانون السرية المصرفية في مجلس النواب بدعم مكثف من “القوات اللبنانية”، ما شكل عاملاً محفزاً لبعض الكتل النيابية الصغيرة والمستقلين لاتخاذ موقف مماثل. وقال: “صوّتنا لصالح المشروع لأنه أساسي لاستعادة ثقة الأسواق المالية العالمية
وأكد جعجع أن ختم صندوق النقد الدولي على برنامج الإصلاحات الاقتصادية ضروري للحصول على استثمارات جديدة وتحقيق الانتعاش الاقتصادي، مشدداً أيضاً على ضرورة إجراء إصلاحات قضائية جذرية وسريعة، ولافتاً إلى أن ما يعيشه لبنان اليوم هو نتيجة مسار طويل من حكم “محور الممانعة”، الذي أدى إلى انهيار مؤسسات الدولة.
أما في ما يتعلق بالانتخابات البلدية والإختياريّة المقبلة، فقد خصص جعجع حيزاً واسعاً من كلمته للرد على الحملات التي تناولت حزب “القوات اللبنانية” في زحلة. وفي ردّ مباشر على من يطرحون شعار “نريد قرار زحلة في زحلة”، قال جعجع: “أي منطق هذا؟ أليس من الطبيعي أن يكون القرار بيد أكثريّة الزحليين؟ أين هو قرار زحلة؟ ومن هم الأكثريّة في زحلة؟”.
وتابع: “أنا، ومهما كان الأمر، مع أنه يعزّ عليّ أن أقول هذا، أنا غريب عن زحلة. ولكن في قلبي لا أشعر أنني غريب عن زحلة، اما فعلياً، فأنا لست من زحلة. عندما بدأت أتعاطى بشؤون زحلة منذ العام ٢٠٠٥ وصاعداً، لم أكن أعرف الآلاف من الأشخاص في المدينة، وإنما قلّة قليلة، واقول ذلك بمعنى أنني شخصياً لا أفرض شيئاً على زحلة. أنا أعتمد خيار زحلة وأدعمه وأسير فيه”.
واستطرد: “هناك البعض يطرحون الأمور بطريقة معاكسة، وكأن شباب وصبايا ونساء ورجال زحلة جالسون لا يفعلون شيئاً، وفجأة يتصل بهم سمير جعجع ليقول لهم قوموا بفعل كذا وكذا، مع أنهم لا يعرفون لماذا. هذا غير صحيح أبداً”.
وأشار جعجع إلى أن قرارات “القوات اللبنانية” في زحلة تُتخذ بعد الإجتماع والتشاور والتنسيق الكامل مع القيادات الحزبيّة المحلية في المدينة، قائلاً: “قبل أي قرار في زحلة، يجتمع شباب زحلة المسؤولون طبعاً، المسؤولون الأساسيون، وأحياناً تشمل الاجتماعات مستوى رؤساء المراكز أيضاً. هذه المرة التقيت شخصياً رؤساء المراكز، لأنهم الحلقة الأهم بالنسبة لنا في زحلة. سألنا الشباب: ماذا تريدون وماذا لا تريدون؟ ما رأيكم بهذا ولماذا ترفضون ذاك وتقبلون هذا؟ سألنا عن كل الأمور، قبل اتخاذ أي قرار”.
وأشار جعجع إلى أن قرارات “القوات اللبنانية” في زحلة تُتخذ بعد الإجتماع والتشاور والتنسيق الكامل مع القيادات الحزبيّة المحلية في المدينة، قائلاً: “قبل أي قرار في زحلة، يجتمع شباب زحلة المسؤولون طبعاً، المسؤولون الأساسيون، وأحياناً تشمل الاجتماعات مستوى رؤساء المراكز أيضاً. هذه المرة التقيت شخصياً رؤساء المراكز، لأنهم الحلقة الأهم بالنسبة لنا في زحلة. سألنا الشباب: ماذا تريدون وماذا لا تريدون؟ ما رأيكم بهذا ولماذا ترفضون ذاك وتقبلون هذا؟ سألنا عن كل الأمور، قبل اتخاذ أي قرار”.
كما أكد جعجع أن “القوات اللبنانية” لم تسعَ يوماً إلى مراكز أو مناصب من أجل السلطة بحد ذاتها، وقال: “على سبيل المثال لا الحصر، مررنا بمراحل عدة كان يتم فيها تشكيل حكومات، ولم نكن نشارك فيها. وحين تشكلت الحكومة بين عامي ٢٠١٢ و٢٠١٦، جرت محاولات عدة لإدخالنا إليها، وقلنا لا، لن ندخل لأننا لم نكن مقتنعين بها. بالتالي، لم نسعَ يوماً إلى السلطة من أجل السلطة. ولا سعينا يوماً إلى مركز بلدي أو رئاسة بلدية أو نيابة أو وزارة، إلا عن قناعة، عندما يكون لدينا شخص قادر على تحمل المسؤولية. وكذلك الأمر في موضوع بلدية زحلة، وهنا أتحدث عن قوات زحلة، وليس عن القوات المركزية، فهم لم يلهثوا يوماً للوصول إلى بلديّة زحلة فقط لمجرّد السعي وراء المناصب، وأكبر دليل على ذلك سنة ٢٠١٦: من الذي خاض معركة أسعد زغيب تحديداً؟ نحن خضناها. وأنا شخصياً تكبدت عناءً كبيراً في المعركة، ففي حينه كنا متحالفين مع “التيار الوطني الحر”، ولسبب من الأسباب، لم يكن “التيار” يريد أسعد زغيب، فقلت لهم: “لن نسير إلا مع أسعد زغيب”، لأنه في حينه كانت الأوضاع تحتم ذلك. وأسرد هذا لأقول: لقد كان بإمكاننا ببساطة أن نختار أي مرشّح من حزب “القوّات اللبنانيّة”، وكان التيار سيوافق، لأنه أصلاً لم يكن يريد وصول أسعد زغيب، ولكننا تمسكنا بموقفنا لأن أسعد زغيب كان مطروحاً في حينه والامور كانت ذاهبة في هذا الإتجاه. وهذا حصل “لأنو مش بعيننا”، ولم يكن هدفنا، في أي يوم من الأيام، مركزاً ولا مكسباً، أبداً. فمن يكون طامعاً بمركز ما، لا يترك المراكز كلها ويقبع في السجن أحد عشر عاماً”.
وتوجّه جعجع إلى كل من يسوقون الحملات اليوم بحق “القوّات”، قائلاً: “المنافسة السياسية طبيعية وأمر جيد وصحي ولكن يجب أن يكون فيها حد أدنى من المنطق والحقيقة والواقعية.
ورأى جعجع أن هناك موجة تغيير في زحلة انطلقت منذ سنوات، بعيداً من الاعتبارات الحزبية الضيقة، وقال: ” منذ سنتين أو ثلاث سنوات، هناك موجة طويلة عريضة في زحلة تطالب بالتغيير. موجة حقيقية داخل زحلة، بعيداً من الأحزاب والشخصيات السياسية، تُظهر اتجاهًا كبيرًا نحو التغيير. وأكبر دليل على ذلك أن بعض الفرقاء السياسيين الذين لم يكونوا يوماً أصحاب مواقف مبدئية، يحاولون اليوم المناورة، ويحاولون مقايضة لائحة أسعد زغيب، ولكنهم يفشلون، لأن جزءاً كبيراً من مناصريهم لا يجارونهم في هذا الأمر، والسبب أن الناس في زحلة يريدون التغيير”.
ووجّه جعجع في المناسبة تحيّة لرجل الاعمال هيكل العتل، وقال: “أود أن أوجه تحية كبيرة لرفيقنا هيكل العتل، الذي عمل لسنتين بعد أن كنا قد اخترناه كمنسقيّة زحلة وكقوات لبنانية كمرشح عنّا. ولكن تعلمون أن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن، ولأن كل شيء فيه منطق إلا الانتخابات، فهي بلا منطق محدد، لا تعرف لماذا ولا كيف، تماماً كالقول المأثور: “القلب له أسبابه التي لا يعرفها العقل”، وأنا أقول لكم: “الانتخابات لها أسبابها التي لا يعرفها العقل”. في أي حال، أوجه له تحية كبيرة لكل ما قام به، فقد تعب سنتين، ولكن في نهاية المطاف، لم يساعدنا الجوّ في زحلة”.