كتبت زينب حمود في “الأخبار”:
تزامنت عودة المغتربين من أبناء القرى الجنوبية لقضاء الصيف مع توسّع نطاق الاعتداءات الإسرائيلية وارتفاع أعداد النازحين من أبناء القرى الحدودية، ما أدّى إلى أزمة سكن حادّة خصوصاً في مدينة صور وحولها، حتى كاد الإيجار الشهري لشقة سكنية يعادل كلفة الإقامة في فندق خمس نجوم.الأزمة يعاني منها المغتربون والنازحون. فمعظم المغتربين من أبناء المناطق الحدودية ممّن خسروا منازلهم أو لا يستطيعون الوصول إليها اختاروا الإقامة في مدينة صور والبلدات الكبيرة حولها كالعباسية، كونها أكثر أماناً ولقربها من المنطقة الحدودية، علماً أن المنطقة تستضيف العدد الأكبر من النازحين. ومن جهة أخرى، استرجع بعض العائدين منازلهم التي كانوا قد فتحوها لنازحين، ما أدى ذلك إلى ارتفاع كبير في الطلب من العائدين والنازحين معاً، وإلى «تسعيرتين»، واحدة للنازح تراعي ظروفه، وثانية أعلى بكثير لكل من تحوم حوله «شبهة» الاغتراب.
قبل الحرب، لم يكن إيجار شقة مفروشة ديلوكس في بلدة العباسية يتخطّى الـ 300 دولار. اليوم يبدأ إيجار شقة كهذه بـ 500 دولار للنازح، و 1000 دولار شهرياً أو 80 دولاراً يومياً للمغترب. يعيد محمد علي، وهو صاحب «موتيل» صغير في صور التسعيرتين إلى «الظروف الإنسانية التي يمرّ بها النازح وتختلف عن ظروف المغترب الذي جاء للاستجمام، إضافة إلى الخدمات التي نقدمها للطرفين. فالنازح يتولى تنظيف شقته بنفسه خلافاً للمغترب الذي يطلب خدمة فنادق مثلاً». بالأرقام، «يمكن أن نزبّط للنازح شقة مفروشة من غرفتين بـ 300 دولار، أما المغترب فيسدد 700 دولار بدل إيجار الشقة نفسها».
كلفة الشقة العادية بين 1000 دولار شهرياً و80 دولاراً يومياً
فوجئت نور بعد وصولها من أفريقيا قبل أسابيع ببدلات الإيجار «الصاعقة»، وبقيت في منزل العائلة في صور لفترة طويلة قبل أن «أحظى أخيراً بشقة مفروشة في العباسية مقابل 1800 دولار في الشهر». تسخر من الرقم الذي دفعته «مقابل شقة عادية من غرفتين، لا تتوفر فيها غير الكهرباء والمياه والإنترنت فيما يجب أن أحصل بهذا المبلغ على فيلا مع حوض سباحة». لكنها لم تكن تملك ترف الاختيار، فقد بحثت عبثاً عن شقة مفروشة بالمواصفات نفسها بسعر أقل، «في الحوش (قضاء صور) مثلا وجدت شقة بـ 1200 دولار، لكن بمواصفات أدنى…».
يؤكد رئيس بلدية العباسية علي موسى عز الدين أن بدلات الإيجار «مضخّمة كثيراً وغير منطقية»، عازياً ذلك إلى «ارتفاع الطلب على شقق للإيجار بالدرجة الأولى لأنّ الـ 160 وحدة سكنية التي أمنّاها أول الحرب للعائلات النازحة لم تكفِ». ويضيف أنّ «تكفّل جهات حزبية بدفع بدلات الإيجار طمّع أصحاب الشقق. فالعائلة النازحة التي تحصل على 300 دولار بدل سكن تتقاسم إيجار شقة يبلغ 600 دولار مع عائلة ثانية تسكن معها، وهكذا يصير البدل بالنسبة إليهما مقبولاً». هكذا رفع أصحاب الشقق السقوف مستغلّين حاجة الناس إلى أي شقة بأي سعر. وزاد استغلالهم بعدما «فوّلت» الوحدات السكنية وارتفع الطلب مع «عودة المغتربين، وإن بنسب قليلة تصل إلى 30% فقط ممن يطلبون شقة لفترة قصيرة أو باتوا بحاجة إلى شقتهم التي تسكنها عائلة نازحة، وهذا يحصل في دير قانون النهر وبرج رحال بصورة ضيقة»، بحسب عز الدين.