لم تخلُ جلسة مجلس النواب اللبناني، اليوم الأربعاء، من التوترات والإشكالات، كما جرت العادة في معظم الجلسات الأخيرة. لكنّ المشهد هذه المرّة بدا مختلفًا، أشبه بنقاش محتدم في مقهى شعبي، لا في قاعة يُفترض أن تكون مخصصة للتشريع والمساءلة.
فخلال مناقشة إحالة الوزراء السابقين بطرس حرب، نيكولا صحناوي، وجمال الجراح إلى لجنة التحقيق، انفجر سجال واسع داخل القاعة عقب إعلان رئيس المجلس نبيه بري نتيجة التصويت بالأكثرية المطلقة (65 صوتًا). واعترض عدد من النواب على آلية الإحالة الجماعية، معتبرين أن التصويت يجب أن يتم على كل وزير بشكل منفصل.
وكان النائب ميشال معوّض من أبرز المعترضين، مشددًا على ضرورة فصل كل ملف عن الآخر، إذ من الممكن أن يوافق بعض النواب على إحالة وزير معين دون غيره، قائلاً: “الأفعال غير متضامنة”.
جدل قانوني حاد حول آلية التصويت
الاعتراضات تزايدت مع تدخل النائب نديم الجميّل، الذي أشار إلى أن طلب الادعاء من النيابة العامة تضمّن إمكانيّة الإحالة على واحد أو أكثر من المتهمين، ما يفرض التصويت على كل حالة على حدة، محذّرًا من أن التصويت الجماعي قد يظلم من قد يكون بريئًا بينهم.
في المقابل، تمسّك بري بموقفه، موضحًا أن الإحالة جاءت من النائب العام المالي كملف موحد، وبالتالي التصويت يجب أن يتم بالطريقة ذاتها. وسانده في ذلك النائب جهاد الصمد، الذي اعتبر أن النيابة العامة التمييزية دمجت الملفات، ما يستدعي التصويت ككتلة واحدة.
لكنّ الجميّل عاد وأكد أن كل وزير تحدث أمام اللجنة عن شق مختلف من الملف، وبالتالي لا يمكن التعامل مع الاتهامات كأنها واحدة.
مقاطعة واعتراض وامتناع… وبري يحسم
النائبة بولا يعقوبيان اقترحت منح النواب 10 دقائق للنقاش وتوضيح آلية التصويت، إلّا أن النائب حسين الحاج حسن أيّد إجراء التصويت بشكل جماعي، مشيرًا إلى أن القرار اتُّخذ مسبقًا في هيئة المجلس. وأثار استغرابه مناقشة هذا الملف بالتحديد، معتبرًا أن هناك ملفات “أكثر أهمية”، إلا أن بري قاطعه بغضب: “شو عم تحكي؟”، قبل أن يتابع الحاج حسن اقتراحه بإحالة جميع الملفات إلى لجنة التحقيق.
وسط هذه الأجواء المشحونة، ظل نواب كنديم الجميّل وإلياس حنكش مصرّين على ضرورة فصل الاتهامات، حيث خاطب حنكش الرئيس بري قائلًا: “هل تقبل أن يذهب البريء بذنب المذنب؟”.
وخلال التصويت، امتنع عدد من النواب عن الإدلاء بصوتهم بسبب “غياب الوضوح”، وفق تعبيرهم