في خطوة جديدة نحو إعادة بناء سوريا بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، عقدت الحكومة السورية المؤقتة برئاسة محمد البشير أولى اجتماعاتها في العاصمة دمشق اليوم الثلاثاء، بحضور رئيس الحكومة المكلف محمد البشير ورئيس الحكومة السابق محمد الجلالي.
هذا الاجتماع يأتي في وقت حاسم، حيث تعمل الحكومة المؤقتة على وضع الخطط التنفيذية لنقل السلطة وإعادة هيكلة البلاد بعد سقوط النظام.
أكد محمد البشير، الذي تم تكليفه مؤخراً برئاسة الحكومة المؤقتة، في تصريحات له من مبنى رئاسة الحكومة في دمشق، أن أولى مهام الحكومة تركز على نقل الصلاحيات التنفيذية بشكل منظم، بما يتماشى مع تطلعات الشعب السوري في بناء سوريا جديدة. وقال البشير: “اليوم هو بداية مرحلة جديدة في تاريخ سوريا، ونحن نعمل على تسليم السلطة تدريجياً وتوفير كافة الظروف اللازمة لإعادة البناء والتنمية في سوريا”.
وأشار البشير إلى أن الحكومة ستعمل على تحقيق الاستقرار في المناطق المحررة، ومتابعة تنفيذ مشاريع الإعمار في كافة القطاعات الحيوية.
وفي وقت سابق، التقى البشير مع قائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع المعروف بلقب “الجوزلاني”، الذي كان له دور كبير في العمليات العسكرية ضد نظام الأسد. جاء اللقاء في أعقاب الأنباء التي تحدثت عن تكليف البشير، حيث ناقش الطرفان التنسيق بين الحكومة المؤقتة والفصائل العسكرية في ظل المرحلة الانتقالية.
وكان الشرع قد أشار إلى أهمية التعاون بين الفصائل المسلحة والحكومة المؤقتة لضمان سير العملية السياسية بسلاسة، مؤكداً على ضرورة العمل المشترك من أجل استقرار البلاد.
فيما يتعلق بعملية “انتقال السلطة”، قالت مصادر في الفصائل السورية المعارضة إنهم بدأوا البحث بشكل جدي في كيفية تسليم السلطة وبناء الدولة السورية من جديد. وكان ذلك قد تزامن مع إعلان الفصائل عن تشكيل “الحكومة المؤقتة”، والتي تضم شخصيات مؤثرة من مختلف الفصائل المعارضة والهيئات المدنية.
وأكد المتحدث باسم “هيئة تحرير الشام” أن قائد الهيئة، الذي كان قد لعب دورًا محوريًا في إسقاط نظام الأسد، قد عقد اجتماعاً مع رئيس الحكومة السابقة محمد الجلالي لبحث التنسيق بين الفصائل المسلحة والحكومة المؤقتة لضمان استقرار البلاد. وأوضح أن هناك توافقاً بين الجميع على أهمية المرحلة الانتقالية التي تضمن استعادة سيادة سوريا وتحقيق الاستقرار السياسي.
وفي خطوة أخرى نحو رسم معالم المرحلة المقبلة، أعلن مجلس الشعب السوري المؤقت تأييده المطلق لإرادة الشعب السوري في بناء “سوريا الجديدة”. وأكد المجلس في بيان له أن الشعب السوري قد اختار طريق الحرية والديمقراطية، وأن الحكومة المؤقتة ستكون في خدمة هذا التوجه.
وفي تصريح خاص، قال الأمين العام لحزب البعث السوري، إبراهيم الحديد: “نحن داعمون للمرحلة الانتقالية التي ستمر بها سوريا. سندافع عن وحدة البلاد بأرضها وشعبها ومؤسساتها ومقدراتها”. وقد أشار إلى أن حزب البعث الذي كان يقوده نظام الأسد سيظل ملتزماً بمبادئ الدفاع عن وحدة سوريا، لكنه في الوقت نفسه سيعمل ضمن الإطار الوطني لضمان حقوق جميع السوريين.
محمد البشير، الذي تولى منصب وزير التنمية والشؤون الإنسانية في حكومة الإنقاذ بين عامي 2022 و2023، كان قد برز كأحد الوجوه السياسية في المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل المعارضة. وُلد البشير عام 1983 في جبل الزاوية في محافظة إدلب، وهو أحد أبرز القياديين في “حكومة الإنقاذ” التي تشكلت في 2 تشرين الثاني 2017 بموجب دعم من “هيئة تحرير الشام”. وعُرف عن حكومة الإنقاذ أنها كانت تدير شؤون المناطق التي تقع تحت سيطرة المعارضة، والتي تشمل إدلب وريف حماة الشمالي وريف حلب الغربي، حيث كانت توفر الخدمات العامة والإدارية.
مع بداية عهد الحكومة المؤقتة، يتطلع الشعب السوري إلى المستقبل بعد أكثر من عقد من الحرب والدمار. إلا أن التحديات لا تزال كبيرة، خاصة فيما يتعلق بترسيخ الاستقرار في المناطق المحررة، وتنسيق جهود الإعمار، بالإضافة إلى معالجة القضايا الإنسانية العاجلة مثل اللاجئين والمفقودين. من جهة أخرى، تبقى الآمال معلقة على قدرة الحكومة المؤقتة في تحقيق تطلعات السوريين في بناء دولة حديثة وديمقراطية تستند إلى مبادئ العدالة والمساواة.