تتفاقم تبعات الانهيار الاقتصادي لتشمل فئات كبيرة من المجتمع اللبنانيّ النازح والمضيف على السواء، مع قرع الناقوس بإمكان بلوغ نسبة الفقر في لبنان 60% من المواطنين. ولا يمكن إغفال التباينات السياسية التي يُخشى أن تكون مدخلاً إضافيّاً للاضطرابات الداخلية في مرحلة لاحقة، إذا طالت الأزمة وضغوطها المجتمعية.وكتب مجد بو مجاهد في”النهار”: بحسب الإحصاءات الحالية، إنّ العدد الأكبر من مراكز الإيواء هو في جبل لبنان، حيث 413 مركزاً، من دون احتساب المنازل المستأجرة والفنادق. وتضم بيروت 180 مركز إيواء. ويبلغ العدد 128 في مناطق بقاعية، خصوصاً في زحلة والمناطق المجاورة، وهناك 128 في مناطق شمال لبنان من دون احتساب عكار، و109 في عكار. ورُتّبت مراكز في بعض مناطق الجنوب، وأخرى في بعض مناطق الأطراف. في الحصيلة، هناك 1132 مركزاً مخصصاً للإيواء في لبنان حالياً، غالبيتها مدارس رسمية. ولقد استطاعت كلها أن تؤوي 43802 عائلتين لبنانيتين حتى اليوم.انطلاقاً من معطيات وزارة الشؤون الاجتماعية التي تابعتها “النهار”، فإن الوزارة تحاول المساعدة قدر الإمكان في حماية العائلات النازحة من التشرّد، بالتعاون مع القوى المعنية الأخرى، لكنها تواجه تحديات لوجيستية، فيما تشتكي عائلات من افتقادها الخصوصية. وهناك تحديات سياسية قد تظهر في مرحلة لاحقة مع هواجس من أن يشهد بعض المراكز مظاهر مسلّحة تؤثر على الوجود المدنيّ فيها وتجعلها معرّضة لاستهدافات. ومن التحديات أيضاً، عدم وجود قدرة استيعابية للمواطنين والحاجة إلى إخلاء مراكز إيواء في مناطق عدة نتيجة توسع الضربات العسكرية الإسرائيلية.عن مجريات الأوضاع بعد الاجتماع النيابي الذي عقد في محاولة لمعالجة تداعيات النزوح والتصدي للارتدادات التي يمكن أن تتفاقم نتيجة أزمة التهجير الناتجة من الحرب، يقول عضو تكتل “الاعتدال الوطنيّ” النائب سجيع عطية لـ”النهار”: “إن المجتمع اللبنانيّ استطاع رغم التباينات الطائفية والخلافات السياسية، تجاوز المشاكل، وكان أكثر وعياً من السياسيين بفضل الوحدة الوطنية بين مكوّناته”. ويدعو إلى “ضرورة أخذ الحيطة أكثر من خلال الوعي وتأمين مقومات التضامن، وأن يحصل التعاون والتنسيق بين المضيف والزائر، وتحضر القوى الأمنية لحل أي مشكلة في حينها، وتكون المساعدات كافية للتخفيف على النازح والمضيف”.ويثني عطية على الاجتماع النيابي الموسع “الذي تتمثل أهميته في صورته الجامعة بعد اختلافات على استحقاق رئاسة الجمهورية اللبنانية، ذلك أن الاجتماع شكّل تجربة مهمّة وبداية لا بد من تكرارها عند الضائقة. ومن ناحيته، استطاع البيان أن يشكّل إطاراً تنسيقياً وجعل المشكلة تجمع، ولكن لا بد من المتابعة في حال حصول توترات محدودة”.ثمة من يقترح طروحات متلاحقة للحلّ تشمل تحديث حجم الخسائر والآثار المتعاظمة على المجتمع اللبناني في دولة مفلسة اقتصادياً، واستيعاب الكارثة ضمن دولة تلملم المواطنين جميعهم. ويضاف إلى ذلك أن تعمل لجان أهلية وحكومية على إعداد خطّة تحصر الأضرار وتقسّم التدابير التي ستتخذ بين ضيافة موقتة للاجئين وتحضير لرجوعهم إلى منازلهم، أو تأمين أماكن إقامة طويلة خاصّة لهم. وكذلك، إبقاء البحث عن تمويل خارجيّ إضافيّ للمساعدة، ذلك أنّه لا يمكن معالجة أزمة النازحين اللبنانيين بأبعاد اجتماعية واقتصادية وأمنية، بمعزل عن المعالجة السياسية التي تشكّل الفحوى الأساسيّ من خلال تقديم نماذج متلاحقة هادفة للحصول على مساعدات من الدول المانحة.