تلقّى “التيّار الوطنيّ الحرّ” ضربة قويّة بعد اقالة النائبين الياس بو صعب وآلان عون واستقالة سيمون أبي رميا ورئيس لجنة المال والموازنة ابراهيم كنعان من صفوفه، في الوقت الذي يجول فيه رئيس تكتّل “لبنان القويّ” النائب جبران باسيل على المناطق تحضيراً للإنتخابات النيابيّة المُقبلة. ورغم أنّ الأخير لا يزال ينتقد دور “حزب الله” في جرّ البلاد إلى الحرب الدائرة في غزة، شدّد على أنّه مع “المُقاومة” في الدفاع عن لبنان ومع وضع استراتيجيّة دفاعيّة لا هجوميّة لصدّ أيّ اعتداءٍ إسرائيليّ قد يحصل في المستقبل.
ومع المُشكلة الداخليّة التي تُواجه باسيل في تيّاره مع موجة الطرد والإستقالات وخصوصاً في صفوف النواب، يجد رئيس “الوطنيّ الحرّ” نفسه أمام مأزق سياسيّ إنّ جرّت الإنتخابات النيابيّة بعد عامين، لأنّ حملة الطرد التي يتّبعها داخل “التيّار” ستُؤثّر على انخفاض عدد نواب تكتّله، إضافة إلى أنّ الشخصيّات المُستبعدة قد تدخل في تحالفات إنتخابيّة مع “حزب الله” أو مع قوى سياسيّة أخرى، كما أوحى آلان عون في تسريب صوتيّ مُسرّب له.
وفي هذا الإطار، فإنّ “التيّار” الذي كان أبرز الفائزين بانتخابات المتن وكسروان وجبيل وبعبدا وجزين في السابق، وقبل العام 2022، أصبح لديه في هذه الأقضيّة مُعارضة شرسة من قبل نوابه السابقين، وقد يتراجع تمثيله في المتن إلى واحد بعد فصل بوصعب واستقالة رئيس لجنة المال والموازنة، بينما في كيروان- جبيل قد ينخفض تمثيله أيضاً إلى نائب كسروانيّ واحد وقد يخسر المقعد النيابيّ المارونيّ في جبيل.
وقد يجد باسيل نفسه أنّه بحاجة ماسة للعودة إلى تليين مواقفه تجاه “حزب الله” أو بالأحرى حيال “الثنائيّ الشيعيّ”، لأنّه من دون “حركة أمل” أيضاً لا يستطيع الوصول إلى الحاصل المارونيّ في جبيل، ولا حتّى في بعبدا ولا في صيدا – جزين ولا في بعلبك – الهرمل. كذلك، فإنّ “الحزب” يحثّ حلفاءه في أقضيّة أخرى على دعم مرشّحي “التيّار” إنّ عبر الترشّح على لوائحهم وإنّ عبر تجيير الأصوات لهم، وهنا الحديث عن عكار والشوف والبترون، حيث أنّ للأصوات الشيعيّة تأثيرا كبيرا على النتائج، إضافة إلى الناخبين الدروز والسنّة المُعارضين لـ”المستقبل”.
وأمام الوقائع الإنتخابيّة التي سبق ذكرها، فإنّ باسيل لا سبيل أمامه سوى التقارب من “حزب الله”، لأنّ الأخير وحلفاءه يضمنون إستمراريّة “التيّار” وخصوصاً بعد انخفاض التأييد المسيحيّ له. فوفق المعطيات وبعد موجة الطرد والإستقالات، ومن دون تحالف “الوطنيّ الحرّ” مع “الثنائيّ الشيعيّ” ومع رئيس حزب “التوحيد العربيّ” وئام وهاب ومع رئيس الحزب “الديمقراطيّ اللبنانيّ” طلال ارسلان والنائب محمد يحيه في عكار، يستحيل أنّ يُشكّل “لبنان القويّ” تكتّلاً نيابيّاً وازناً كما هو الحال الآن.
ويقول مراقبون إنّ مصلحة باسيل هي البقاء في “فريق الثامن من آذار”، وتجديد تحالفه مع “حزب الله” لأنّ هناك مصالح مشتركة بين الفريقين، فـ”التيّار” يضمن فوز “الحزب” و”أمل” بمقعد شيعيّ مهم جدّاً في جبيل، ولولا “الوطنيّ الحرّ” لكانت المُعارضة فازت به وصعّبت الأمور على ترشّيح نبيه برّي لرئاسة مجلس النواب.
وفي الوقت الذي يقول فيه العديد إنّ باسيل بحاجة ماسّة للعودة إلى حضن “حزب الله”، فإنّ الأخير أيضاً لا يُمكنه الإبتعاد عن “الوطنيّ الحرّ” وحتّى لو كانت هناك خلافات كثيرة بينهما، ويُضيف المراقبون أنّ الإنتخابات المُقبلة ستعود وتجمع “التيّار” بـ”الثنائيّ الشيعيّ” وسيكون هناك تنسيق أكبر بينهما، وخصوصاً في أقضيّة لم يتحالفا فيها وأدّت إلى خسارتهما معاً في العام 2022، ولعلّ ما حصل في صيدا – جزين أبرز دليلٍ على ذلك.
ويُشدّد المراقبون على أنّ مشروع “حزب الله” الإنتخابيّ هو ضمان فوز فريق 8 آذار بأكبر عددٍ من النواب كيّ يضمن الأكثريّة النيابيّة، ولا يُواجه مشاكل في إيصال رئيس للجمهوريّة يدعم خطّه السياسيّ و”المُقاومة” كما هو الحال حاليّاً، وسط الشغور الرئاسيّ وحاجة رئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجيّة لتسويّة سياسيّة كبيرة كيّ يُنتخب رئيساً.