اعتبر رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أنّه “منذ بدء الأعمال العدائية، كان من الواضح أنها تسير في اتجاه خطر”، مضيفًا: “هذا ما يجعلني أقول إنه لا ينبغي أن يعبث أحد بالتوازنات القائمة في جنوب لبنان منذ اعتماد القرار 1701 في آب 2006، لا سيما وأن المواجهات الجارية في الجنوب لم تساعد غزة حقًا. واليوم، وبعد خمسة أشهر، تتجه الأمور نحو التصعيد، وخطر نشوب الحرب جدي للغاية. برأيي أن إسرائيل ستشن هجومًا على رفح، كما أن الأهداف والغايات التي حدّدتها لنفسها في لبنان جدية أيضًا. وعلى هذا الأساس يجب أن نجري الحسابات في المرحلة المقبلة”.
وتابع في حديث إلى ” l’orient le jour”: “إلا أنّ الأخطر في كل هذا يكمن في أن كل شيء يوحي بأن لبنان ليس لديه حكومة مسؤولة عن شعبه، لأنه في الوقت الذي يتخذ حزب الله قرارات تتناغم مع المصالح الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة، والتي تقود اللبنانيين إلى الكوارث، فإن الحكومة اللبنانية غائبة، على الرغم من أنها هي التي تقع على عاتقها مسؤولية الأضرار التي تصيب البلد. مع العلم أن تلك الأضرار ليست قليلة: فمنذ بداية الحرب، قُتل في لبنان أكثر من 300 شخص. لماذا؟ من أجل من؟ لا أعرف”.
وفي الملف الرئاسي، قال جعجع: “لقد أيّدنا سريعًا مبادرة الاعتدال الوطني لأنها اقتراح منطقي مبني على مشاورات بين النواب ليوم واحد تليها جلسة انتخابية مفتوحة بدورات متتالية. أما المبادرة التي طرحها الرئيس بري في آب الماضي (والتي تلحظ حوارًا لمدة أسبوع تعقبه جلسات انتخابية مفتوحة) فتشكل محاولة لتكريس عرف رسمي جديد يسبق الانتخابات الرئاسية، وبالتالي رفضناها لأن نهجًا كهذا سيكون بمثابة الخطوة الأولى على الطريق نحو إنشاء مؤسسة متخصصة تسمى “طاولة الحوار” لتكون المعبر الملزم للاستحقاقات الدستورية على اختلافها، ما يشكل انتهاكا للدستور. فالانتخابات تتم وفقًا للآلية الدستورية، ومواقف الرئيس نبيه بري ما هي إلا استمرار لقرار عرقلة إجراء الانتخابات عبر طروحات غير دستورية تهدف إلى جعل ظهر المعارضة على الحائط. إلا أننا لسنا في موقف حرج، لأننا نجري مشاورات مع حلفائنا، وهذا أمر طبيعي. إنها أفضل طريقة للتوافق على رئيس للجمهورية”.
وعند سؤاله عن كيف يمكن تفسير الانقسام داخل المعارضة على نهج الاعتدال الوطني؟، قال جعجع: “لا أعرف لماذا تختار وسائل الإعلام دائمًا أسلوب التضخيم. المعارضة مكونة من أحزاب وشخصيات، لكل منهم تصوره الخاص للأمور. وليس للاختلاف في وجهات النظر أي تأثير على تماسك هذه المجموعة”.
وعن التسريبات التي تشير إلى تقارب محتمل بين الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر حول ترشيح جورج خوري مدير المخابرات العسكرية السابق وسفير لبنان السابق لدى الفاتيكان للرئاسة، أشار جعجع إلى أنه لا يسمح لنفسه أبدًا بإبداء رأيه بشخصية معينة في وسائل الإعلام، مضيفاً: “إنما يؤسفني أن أرى أنه يتم اقتراح أسماء وتسريبها في وسائل الإعلام فقط لحرقها قبل أن يحين وقت الانتقال إلى البحث الجدي. وفي كل الأحوال، هذه ليست طريقة يمكن التوصل من خلالها إلى اتفاق بشأن الانتخابات الرئاسية. بالنسبة إلينا، لن نتخلى عن خيار أزعور طالما لم يسحب فريق الممانعة (بقيادة حزب الله) مرشحه الذي يتمسك به أكثر من أي وقت مضى. فحين يتخلى الطرف المقابل عن مرشحه، يمكننا مناقشة مبدأ الخيار الثالث. لكن الجميع، بمن فيهم نبيه بري نفسه، يعلم أن الوقت لم يحن بعد لاتخاذ موقف جدّي بسبب رفض الممانعة للجلسة المفتوحة بدورات متتالية، ورفضها في الوقت عينه التوافق على الخيار الثالث”.